إنه الوقت ذاته مرة أخرى، مع اقترابنا من نهاية العام 2022، بدأنا نستشعر الجانب الذي ستميل إليه اتجاهات التصميم في العام 2023. ووفقًا لإحدى الدراسات، يستغرق المستخدمون ما لا يزيد على 50 مللي ثانية (أي 0.05 ثانية!) ليقرروا إن كان الموقع الإلكتروني يستحق الاستكشاف أو المغادرة. وتشير نفس الدراسة أيضًا إلى أن 88% من المستهلكين عبر الإنترنت لن يعودوا على الأرجح بعد مرورهم بتجربة سيئة. ومع ميلنا المتزايد إلى اتباع نهج الهاتف المحمول أولاً في التصميم، فإن 83% من مستخدمي الهاتف المحمول يرون أن التجربة السلسة وتكامل الأجهزة أمر ذو قيمة أيضًا. وينسحب 61% من مستخدمي الهاتف المحمول عندما يواجهون تصميمًا قديمًا و40% منهم ينتهي به المطاف في موقعٍ منافس. وباعتبارنا فريقًا يركز على تصميم المنتجات وتطبيقات الهاتف المحمول التي تحقق أهداف العمل بقدر ما تثري تجربة المستخدم، فإننا بطبيعة الحال مهتمون جدًا بالبقاء على الجانب الأيمن من المنحنى. وهذه ليست القائمة الكاملة بحال من الأحوال، بل بعض من الاتجاهات القليلة التي أعتقد أنها ستغير في الغالب أسلوبنا في تصميم التجارب الرقمية في العام المقبل، لإثارة اهتمام المستخدمين وجذبهم.

التصميم المتمحور حول الهاتف المحمول

تمثل نسبة تصفح الإنترنت من خلال الهاتف المحمول ما يقرب من 50% من إجمالي حركة التصفح على مستوى العالم. ومع اعتماد جوجل لسرعة تحميل صفحات المواقع الإلكترونية على الهواتف المحمولة مقياسًا رئيسًا في تصنيف تلك المواقع، علمًا بأن 94% من حركة البحث على الشبكة تجري عبر محرك جوجل، فقد أصبح التصميم الذي يعطي الأولوية للهاتف المحمول أمرًا حاسمًا.

يعد تصميم الهاتف المحمول أولاً أمرًا لا يحتاج إلى تفكير. لقد جئت من وقت كان فيه كل شيء تصميم الويب لقد أصبح التصميم المتمحور حول الهاتف المحمول أمرًا بديهيًا. إذ كانت عمليات التصميم في السابق تبدأ من الحواسيب المكتبية. كنا نعتمد على برنامج فوتوشوب بصورة رئيسة، ثم نكيف شاشات الحاسوب المكتبي لتناسب شاشة الهاتف المحمول من خلال عملية تكييف مباشرة. ولكن مع نهج الهاتف المحمول أولاً، فقد باتت أساليب التصميم مختلفة كليًا، وبتنا ننظر عن كثبٍ أكثر إلى استخدامات الهاتف المحمول واتجاهاته ووظائفه لنمضي قدمًا في هذا المجال.

عرض المعلومات بأسلوب السرد القصصي في طريقه إلى الزوال

رُوج لأسلوب السرد القصصي على نطاق واسع بأنه أحد الاتجاهات الرائدة في العام 2022. ولكني خلافًا للاعتقاد السائد، أرى بشدة أن أسلوب السرد القصصي والكتيبات سيتنحى جانبًا ويفسح المجال أمام تصاميم المواقع الإلكترونية التي تبدو وكأنها منتجات. فزيادة استخدام الهواتف المحمولة يحتم علينا تصميم شاشات أصغر حجمًا وملئها بكمية أكبر من المعلومات سهلة الاستيعاب، ومناطق أوسع قابلة للنقر، وأقل قدر ممكن من النصوص، والمزيد من البطاقات. إن إدراج المواد الترويجية للشركات، وسرد القصص وفق تسلسل خطي، لم يعد يجدي نفعًا، وعلينا ابتكار تصاميم أكثر فاعليةً بدلاً من سرد القصص.

التصفح الراسي

ما أقوله باختصار أنه سيتعين على المواقع الإلكترونية وبشكل متزايد أن تبدو وتتصرف كالمنتجات. وعلى تصفح تلك المواقع أن يكون أكثر من مجرد وسيلة للمرور عبر صفحات الموقع، بل أن يتعدى ذلك إلى إبراز المعلومات وترتيبها أولويتها بصورة فعالة.

  • ستحل القوائم الضخمة محل قوائم الهامبرغر، لترتيب المواقع ذات العدد الكبر من الصفحات الفرعية والقوائم، وستنتقل المعلومات الأكثر صلةً إلى المقدمة
  • سينتقل شريط البحث إلى الأسفل لجعل الرؤية أوضح
  • من المحتمل أن تنتقل الإشعارات أيضًا إلى الأسفل، نظرًا للاستخدام المعتمد على الإبهام

لقد بدأنا بالفعل في رؤية بعض التغييرات في هذا الجانب مع انتقال أشرطة البحث إلى أسفل الشاشات. وعلى الرغم من الاستخدام المكثف لقوائم الهامبرغر التي كان يُنظر إليها على أنها حل ذكي لتوفير المساحة، فإنها لا تخلو من القيود، وخاصةً ميلها المتأصل إلى إخفاء البيانات التي قد يتخطاها المستخدمون نظرًا لكثرة استعمال الإبهام في التمرير والتصفح على الهاتف المحمول. أتصور أن التصفح الراسي سيصبح مفضلًا شيئًا فشيئًا على قوائم الهامبرغر، والتي سيتراجع استخدامها إلى حده الأدنى، أو يتوقف بالمطلق.

التمرير الجانبي المحدود

نعتمد في الوقت الحالي بشكل كبير على البطاقات الأفقية والعرض الدوار لتحسين المساحة . ولكن سيتعين علينا عند التصميم المتمحور حول الهاتف المحمول التماشي مع قلة صبر المستخدمين الذين اعتادوا على التمرير في اتجاه واحد - العمودي عادةً - عند استخدامهم للتطبيقات. وقد ينتج عن البطاقات الأفقية نقاط عمياء وضياع للمعلومات وتقليل التأثير الكامل للموقع الإلكتروني. ومن المحتمل أن نرى أنماط التمرير من النوع الذي يستخدمه إنستغرام - للأعلى والأسفل أو لليمين واليسار - ونادرًا ما نتوقع من المستخدمين أن يفعلوا الأمرين معًا. أو اليمين واليسار - نادرًا ما يتوقع من المستخدمين القيام بالأمرين معًا في أي وقت.

النص الرسومي المتحرك

سيحتل المحتوى الرسومي المتحرك موقعًا رياديًا في مجال التصميم. وقد رأينا ذلك عمليًا من خلال استخدام الرسومات التفاعلية في المؤشرات والأزرار والروابط. ورأينا فعاليتها الكبيرة في جلب البهجة للمستخدمين فضلًا عن وظائفها الدلالية. وأرى أن النص الرسومي المتحرك سيكون على الأرجح امتدادًا لهذا. وعلى الرغم من أنه سيخدم بشكل رئيس الحاجة إلى استغلال المساحة على شاشات الهواتف المحمولة، فإن تمرير النص فوق الأزرار والتسميات التوضيحية سيقلل أيضًا من فرص فوات المعلومات على المستخدمين.

البيانات المساعدة للمستخدمين 

سواء كانت قياسًا لوقت تشغيل الشاشة، أو ساعات استخدام تطبيقٍ معين، أو عدد الطلبات التي نُفذت بنجاح على أحد المواقع الإلكترونية، أو المبلغ الإجمالي الذي أُنفق على المشتريات خلال فترة زمنية محددة، ونحو ذلك. والتي تتيح للمستخدمين معرفة استخدامهم، وأنماط إنفاق أموالهم، وتفاصيل تفضيلات المحتوى لديهم، وغيرها من البيانات التي أظهرت أنها تؤثر على تفاعلهم المستقبلي. وأتوقع أن الشاشات التي تؤدي تلك الوظيفة - تجميع المعلومات وتقديمها للمستخدمين لمنحهم صورة أكمل - لن تكون بعد الآن ميزة جميلة ومبهجة فحسب، بل ضرورة لا غنى عنها. الأمر الذي سيتطلب منا أن نتبنى هذا الاتجاه منذ البداية في تصميم الشاشات والميزات، بدلاً من إضافته على هيئة أفكار لاحقة في العام 2023 وما يليه.

تقدّم شركة آبل ذلك بفعالية من خلال لوحة تحكم وإدراة وقت الشاشة.

رأينا أيضًا بيانات مشابها تقدّمها سبوتيفاي لحساب ساعات الاستماع إلى الموسيقى والمدونات الصوتية وتصنيفها في سنة معينة.

لقد أصبح توفير هذا النوع من البيانات أمرًا شائعًا بالفعل ومتوقعًا مع تطبيقات الصحة واللياقة البدنية أمثال كلو وكولتيفيت وسترافا، ولكن من المتوقع أن يصبح هذا الاتجاه أكثر شيوعًا عبر مختلف التطبيقات. وفي مدونة سابقة عن الميزات التي ستمثل إضافات رائعة لتطبيق سويجي، كتبت عن "بيانات سويجي الإحصائية"، وتضمنت القائمة بيانات إحصائية مختلفة كاتجاهات الإنفاق، والمدخرات (من خلال برنامج عضوية سويجي)، والمطاعم الأعلى والأدنى رسومًا (متضمنًا ذلك الرسوم الإضافية، ورسوم التوصيل والتعبئة)، والمطاعم المفضلة ضمن منطقة معينة، والتي ستفيد المستخدمين المميزين. وسنرى في السياق ذاته، أن تطبيقات الدفع ستوفر أيضًا بيانات تتبع النفقات.

الأوامر الصوتية آخذة في الانتشار

نظرًا للإقبال الكبير على المساعدين الصوتيين المعتمدين على الذكاء الاصطناعي، أمثال أليكسا، وآبل هوم بود، وجوجل نيست، فإن أساسيات تفاعلنا مع الأجهزة تتغير بشكل كبير. وقد لا تكون الواجهات المتفاعلة صوتيًا شائعة جدًا حتى الآن في التطبيقات العادية، ولكننا قد نشهد من الآن فصاعدًا ازديادًا ملحوظًا في هذا الجانب. يمكن نرى ارتفاعا في هذا.

وسيتعين علينا ببساطة استيعاب المستخدمين الذين يفضلون طرح الأسئلة أو إعطاء الأوامر شفهيًا بدلاً من كتابتها. وإن التحدث بصوت عالٍ سواء كان بغرض الحصول على معلومات أو البحث أو التصفح أو الشراء، سيتطلب منا تصميمًا يأخذ في الحسبان المساعدين الافتراضيين والتفاعل من خالال الصوت. ويستخدم تطبيق زوماتو بالفعل التسجيل الصوتي كميزة للعملاء لإعطاء التعليمات المتعلقة بتوصيل الطلبات. ومن الأمثلة الأخرى دولينجو، الذي يتيح للمستخدم أخذ أجزاء من الدورة التدريبية دون الحاجة إلى الكتابة

تتمحور اتجاهات التصميم المتغيرة حول المستخدم، وكما هو الحال دائمًا، فإن التغيرات التي تطرأ على التصميم تعتمد على تغير احتياجات المستخدم. وإن نهج "الهاتف المحمول أولاً"، والأوامر الصوتية، والذكاء الاصطناعي، مع إعطاء الأولوية لتدفق المعلومات الواضح، وسهولة الاستخدام وفعاليته، ستقود المشهد التصميمي في العام 2023.